5- متى وكيف نتحدث إليهم؟
لكي نضمن التأثير فيهم علينا أن نقتدي بمعلم البشرية ،رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يعلِّم أصحابه والمسلمين، ويوجِّههم بطرق كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر:
1-التشويق بالسؤال ثم إجابته: كما قال صلى الله عليه وسلم:"أتَدرون من المُفلس؟"
2-إثارة الانتباه بالسؤال،باستخدام "ألا" الافتتاحية:كما كان يقول صلى الله عليه وسلم:"ألا أخبركم بخير الناس؟"ألا أنبئكم بأهل الجنة؟"،"ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا؟"...إلخ
3-رواية القصة ،كما روى صلى الله عليه وسلم قصة الرجل الذي سقى الكلب في خُفِّه فدخل الجنة،وقصة المرأة التي دخلت النار في هِرَّة حبستها.
4- أثناء الذهاب معه إلى نزهة أو أثناء الركوب في الطريق لمكانٍ ما،كما حكى ابن عباس رضي الله عنهما:"كنت خلف رسول الله يوما فقال:"ياغلام،إني أعلمك كلمات:إحفظ الله يحفظك...إلى آخر الحديث.
وهناك أيضاً حديث أبي ذر رضي الله عنه:"ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حماراً وأردَفَني خلفه،وقال:"يا أبا ذَر أرأيت إن أصاب الناس جوع شديد لا تستطيع أن تقوم من فراشك إلى مسجدك، كيف تصنع؟ قلت:"الله ورسوله أعلم،قال:"تعفف"
5- إنتهاز فرصة حدوث موقف معين،كما رأينا في الحديث الذي رواه عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال :" كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه و سلم, و كانت يدي تطيش في الصحفة ,فقال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ياغلام سَمِّ الله وكُل بيمينك ،وكُل ممَّا يليك"
6- رواية الأخبار،كما جاء في سنن الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"جاءني جبريل ،فقال:" يا محمد إذا توضَّأت فانتضِح"
7- إخباره من حين لآخر أننا نحبه،كما قا ل صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل:"والله يا معاذ إني أحبك"
و لسعد بن أبي وقَّاص:"إرمِ سعد فداك أبي وأمي"
وفيما يلي بعض ما ييسر تحقيق هذا الهدف:
* لا يجب التحدث معه في هذا الموضوع وهو غاضب أو بعد عقابه لأي سبب،أو وهو يبكي،أوفي جو يسوده الكآبة، أو الحزن.
**وإذا كنا لا نريد تنفيذ شيء يريده،فلايجب نقول له" إن شاء الله"، حتى لا يتعلم من تكرارذلك أن هذه العبارة تعني:"لن أفعل"، بل يمكن أن نقول :"سننظر ، سأفكر،وفقا ًللظروف"،أو ما شابه ذلك من تعبيرات.
***كما أننا إذا أردنا عقابه فلا يصح أن نحلف بالله أننا سنعاقبه،ويكفي أن نقول:"سترى كيف أعاقبك" ،أو ما شابه ذلك ،حتى لا يرتبط اسم الله جل وعلا في ذهنه بالعقاب.
****ولاداعي أن نكرر على سمعه كلما أخطأ:"سوف يدخلك الله جهنَّم -أو النار- إن فعلت ذلك ثانيةً" حتى لا يرتبط الله عز وجل لديه بجهنم منذ صغره.
*****وإذا كنا نضربه مثلاً،أو أوشكنا على عقابه لأي سبب،فاستغاث بالله تعالى ،فيجب أن نتوقف فوراً، وأن نكظِم غيظنا ما استطعنا.
6-ماذا أفعل إن لم أكن قد بدأت مع طفلي؟
إبدأ فوراً،ولكن بخطوات متدرجة تتناسب مع عمره، وظروفه؛ واستعن بالله ولا تيأس، فإنه "لا ييأس من رَوحِ اللهِ إلا القومُ الكافرون" صدق الله العظيم.
7- من تجارب الأمهات:
تحدثت أم عن تجربة أبيها وأمها في توجيهها وإخوتها ،فقد كان الأب يعود بعد كل صلاة جمعة،فيوجه حديثه للأم قائلاً:"هذا ما قاله لنا اليوم خطيب المسجد..."،فيقص عليها الكثير من القصص، ثم يخرج منها بالمواعظ والنصائح،متجاهلاً أولاده الذين يحملقون فيه وقد أصغوا باهتمام شديد لحديث(الكبار)،تقول الراوية:" فلما كبِِرتُ وتذكرت ما كان يقصه أبي، علمت أن بعض حديثه لا يمكن أن يكون قد قاله خطيب المسجد،وإنما كان موجهاً إلينا أنا وإخوتي،والعجيب أننا تاثرنا كثيراً بهذا الحديث غير المباشر،وكنا نحترم ربنا كثيراً، ونحبه، ونخاف من كل ما يمكن أن يقال عنه أنه "حرام"لأنه يغضب الله عز وجل،وأنا الآن أتبع نفس الأسلوب مع أولادي"
وتحدثت أم أخرى عن طفلتها التي كانت أصغر إخوانها،وكانوا لا يكفون عن مضايقتها طوال الوقت،فكانت تصحبها معها- وهي ابنة ثلاث سنوات- للدروس بالمسجد حمايةً لها منهم، فشبت هذه البنت- دوناً عن إخوتها- وهي تحب الله عز وجل وتخافه في السر والعلن، وتحفظ المعلومات التي سمعتها بالمسجد، بل وتحرص على الصلاة والصيام والتصدق بطيب نفس !!!
وقالت أم ثالثة:" كان أولادي يرفضون النوم في غرفتهم بمفردهم،فصرت أجلس معهم بعد ذهاب كل منهم إلى فراشه،وأحكي لهم قصة هادفة ،ثم أطفىء نور الغرفة وأترك نورا خافتا يأتي من الردهة المجاورة،ثم أقوم بتشغيل شريط لجزء "عمَّ" يتلوه شيخ ذو صوت ندي،وأترك الغرفة،فكان الأطفال يستمتعون بصوته،وينامون قبل انتهاء الوجه الأول منه...ومع الوقت لم يعودوا يخافون من النوم بمفردهم،فبمجرد تشغيل الشريط كانوا يقولون لي: "إذهبي إلى غرفتكيا أمي،فنحن لسنا بخائفين"،والأهم من ذلك أنهم أصبحوا يسألون عن الله تعالى،ويشتاقون لرؤيته، ويستفسرون عن معاني كلمات الآيات التي يستمعون إليها، بل و يحبون الحديث في الدين ويتقبلون النصح بنفوس راضية "
وختاماً:
فإن موضوع "حب الله عز وجل"لا تسعه المجلدات…وماهذه العُجالة إلا محاولة على الطريق عسى الله أن يمن علينا وإياكم بتوفيقه لنعين أطفالنا على الشعور بحبه تعالى،فيترتب على ذلك فلاحهم في الدنيا والآخرة إن شاء الله.